ماذا يعني وقف إطلاق النار في غزة ؟
قاسم سلمان العبودي
جميع المعطيات تشير إلى ان وقف إطلاق النار في غزة الآن سيعيد إلى الأذهان معركة كيبور التي أنهت حياة غولدامائير رئيسة وزراء الكيان الصهيوني السياسية في عام 73 عندما سقطت أسطورة الجيش الذي لا يقهر أمام الجيش المصري الذي اقتحم خط بارليف الصهيوني ، وخسارة مواقعه الاستراتيجية في سيناء التي كانت تحتلها إسرائيل . لذلك يبدوا أن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو قد أستوعب درس غولدامائير الذي تسبب في نهاية حياتها السياسية إلى الأبد .
لهذا نعتقد بأن ايقاف الحرب في غزة قد يذهب بحكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو وخصوصاً بعد فشل الجيش ومخابراته بإقتحام غزة رغم الجنون العسكري الذي تسبب بأمحاء نصف القطاع من الخارطة الفلسطينية كبنى تحتية وأبنية وكل ما يتصل بالحياة في ذلك القطاع الحيوي . أذن ليس أمام إسرائيل سوى الأيغال بالحرب واستهداف الشعب الفلسطيني ، عسى أن يستطيع الاحتلال الوصول إلى ثغرة قد تعيد الصورة ( الحسنة ) لحكومة اليمين المتطرف امام الرأي العام الصهيوني .
ستراتيجية المقاوم الفلسطيني ، وتوحيد الساحات المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق واليمن وسوريا خنقت الأحتلال الصهيوني الى درجة كبيرة جداً ، وقلبت الطاولة على الكيان الصهيوني والأمريكي على حداً سواء مما جعل الولايات المتحدة تعمد إلى تحشيد دولي لفك الحصار عن الكيان الصهيوني بمساعدة الغرب مثل بريطانيا وفرنسا وبعض الدول الأوروبية . أن معادلة الردع العسكري اليوم تختلف تماما عما كانت عليه سابقا . فقد دخلت التقنية العسكرية للمحور الفلسطيني الذي اذل الجيش الصهيوني وسطوته العسكرية . لذلك نرى أن وقف إطلاق النار في غزة هو أعتراف مطلق من قبل إسرائيل بتفوق حماس في الحرب ، وهذا يترتب عليه عواقب وخيمة على الحكومة الصهيونية .
فضلاً عن ذلك فإن وقف الحرب سيزيد من أنحسار النفوذ الأمريكي المنحسر أصلاً بسبب السياسات الأميركية الخاطئة التي أنتهجتها على مدى سنوات طوال . هيبة الولايات المتحدة الان مرتبطة بشكل مباشر بنتائج المعركة التي تدور رحاها في غزة . على الرغم من سلوكها العسكري الطائش في العراق وفي البحر الأحمر، فهي تحاول بطريقة وأخرى ارسال رسائل دموية إلى دول المحور المقاوم عبر وسائل الحرب والقصف والاغتيالات الممنهجة لأثبات تفوقها العسكري ، علماً أن الولايات المتحدة على أعتاب انتخابات جديدة سيكون الفيصل فيها سياسة واشنطن الخارجية ، وما يطلق عليه ( الأمن القومي الأميركي ) .
أن التنامي الكبير للقدرات العسكرية لدول المحور المقاوم سيذهب بسطوة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وغرب آسيا ، وخصوصاً بعد أن صرح العراق بضرورة خروج القوات الأجنبية والأميركية من العراق ، وسيطرة المقاومة الإسلامية العراقية على أجواء القواعد العسكرية التي تتخذها واشنطن في العراق وسوريا مكان لها . ربما نشهد في الايام القليلة القادمة أتساع دائرة الاستهداف المقاوم العراقي ، ليشمل قواعد الاحتلال الامريكي المنتشرة في منطقة الخليج لاجباره على مغادرة الأراضي العراقية أذا أنغلقت أبواب الدبلوماسية العراقية امام التعنت والاستكبار الامريكي .
